أكاد أٌجزم ان بيوت جداتنا كانت معجزة ، فعقلي البشري لايعطيني تفسيراً منطقياً لما كان يحدث في هذه البيوت ..
كيف كنا نستمتع باللعب في بيت جدتي الى هذا الحد ولا توجد به أجهزة كمبيوتر أو تابلت أو لاب توب فقط عروسة قديمة لانعرف لمن كانت و كرة
كيف كانت ساحة منزلها آمنة للعب رغم عدم وجود رجل أمن او حارس عقار
لا اتذكر ان يوماً تراكمت الأطباق داخل حوض مطبخها لا أتذكره غير نظيفاً جافاً رغم عدم وجود غسالة أطباق و تناول أكثر من عشرين فرد الفطار والغذاء والعشاء في هذا البيت العجيب
كيف كان غسيل جدتي ناصع البياض رائحته العطرة تملأ الشارع ولم يكن لديها غسالة أوتوماتيك ولا كانت تضيف داوني للملابس
كيف كانت الفاكهة في هذا البيت تكفي كل هؤلاء الأبناء والأزواج والزوجات والأحفاد والجيران ..رغم أني اتذكر أن جدي بعد عودته عصراً من العمل كان يضع ثلاثة اكياس من الفاكهة ويقول لجدتي (جبت ٢ك من كل نوع )
كيف كانت جدتي تفعل كل هذا وفي نفس الوقت تسهر معنا وتضحك وتلعب وتحكي لنا أروع القصص وتنام بعدنا وتصحو قبلنا
أسئلة كثيرة تراود عقلي وأبحث عن إجابات لها
أكانت هذه هي البركة ..أم الحب ..أم الزمن ؟
هل سيأتي يوماً ويتحدث أبنائنا وأحفادنا عن بيوتنا هكذا ..أم فقط سيتذكرون صورنا ونحن نجلس أمام هواتفنا ..هل سيتذكرون تفاصيل بيوتنا كما اتذكر تفاصيل بيت جدتي أم فقط سيتذكرون صوت رنة الميكرويف وغسالة الاطباق عندما ينتهوا من أداء مهمتهم !!!!
هل سيشعروا بالأمان كما اشعر به اذ أغمضت عيني وتذكرت بيت جدتي أم سيتذكرون خوفنا الزائد عليهم من البلكونة العالية ومن العصابة التي تخطف الأطفال أسفل المنزل و من صعود الأسانسير بمفردهم
من له تفسير لما كان يحدث في بيوت جداتنا فليعلنه بأعلى صوت وسنقوم به على الفور.
اللهمَّ ارحم جدي و جدتي بعدد ما رُفعت الأيادي لدعائك، يا رب أسعدهم برائحة الجنة ونعيمها".